فصل: دولة بني حمدان - مسير ابن حمدان إلى بغداد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.انقلاب حال الدولة بما تجدد في الجباية والأقطاع.

لما استوى معز الدولة طلب الجند أرزاقهم على عادتهم وأكثر لسبب ما تجدد من الاستيلاء الذي لم يكن له فاضطر إلى ضرب المكوس وأخذ أموال الناس من غير وجهها وأقطع قواده وأصحابه من أهل عصيبته وغير المساهمين له في الأمر جميع القرى التي بجانب السلطان فارتفعت عنها أيدي العمال وبطلت الدواوين واختلف حال القرى في العمارة عما كان في أيدي القواد والرؤساء حصل بهم لأهلها الرفق فزادت عمارتها وتوفر دخلها ولم تكن مناظرتهم في ذلك ولا تقديره عليهم وما كان بأيدي العامة والأتباع عظم خرابه لما كان يعدم من الغلاء والنهب واختلاف الأيدي وما يزيد الآن من الظلم ومصادرات الرعايا والحيف في الجباية وإهمال النظر في تعديل القناطر والمشارب وقسم المياه على الأرضين فإذا خربت قراهم ردوها وطلبوا العوض عنها فيصير الآخر منها لما صار إليه الأول ثم أمر معز الدولة قواده وأصحابه بحماية الأقطاع والضياع وولاتها وصارت الجبايات لنظرهم والتعويل في المرتفع على أخبارهم فلا يقدر أهل الدواوين والحسابات على تحقيق ذلك عليهم ولم يقف عند ذلك على غاية فبطلت الأموال وصار جمعها من المكوس والظلامات وعجز معز الدولة عن ذخيرة يعدها لنوائب سلطانه ثم استكثر من الموالي الأتراك ليجدع بهم من أنوف قومه وفرض لهم الأرزاق وزاد لهم الأقطاع فعظمت غيرة قومه من ذلك وآل الأمر إلى المنافرة كما هو الشأن في طبيعة الدول.

.دولة بني حمدان - مسير ابن حمدان إلى بغداد.

ولما استولى معز الدولة على بغداد وخلع المستكفي بلغ الخبر إلى ناصر الدولة بن حمدان فشق ذلك عليه وسار من الموصل إلى بغداد وانتهى إلى سامرا في شعبان سنة أربع وكان معز الدولة حين سمع قدوم عساكره مع ينال كوشه وقائد آخر فقتل القائد ولحق بناصر الدولة وجاء ناصر الدولة إلى بغداد فأقام بها وخالفه معز الدولة إلى تكريت فنهبها لأنها من أعماله ثم عاد معز الدولة والمطيع فنزلوا بالجانب الغربي من بغداد وقاتلوا ناصر الدولة بالجانب الشرقي وتقدم ناصر الدولة إلى الأعراب بالجانب الغربي بقطع الميرة عن معز الدولة فغلت الأسعار وعزت الأقوات ومنع ناصر الدولة من الخطبة للمطيع والمعاملة بسكته ودعا للمتقي وبيت معز الدولة مرارا وضاق الأمر به واعتزم على ترك بغداد والعود إلى الأهواز ثم أظهر الرحيل ذات ليلة وأمر وزيره أبا جعفر الصهيري بالعبور في أكثر العساكر وأقام بالكينة مكانه وجاء ينال كوشه لقتاله فانهزم واضطرب عسكر ناصر الدولة وأجفلوا وغنم الديلم أموالهم وأظهرهم ثم أمن معز الدولة الناس وعاد المطيع إلى داره في محرم سنة خمس وثلاثين وقام التورونية عليه فلما شعروا به نكروه وهموا بقتله فأسرى هاربا ومعه ابن شيرزاد وفر إلى الجانب الغربي ثم لحق بالقرامطة فأجاروه وبعثوه إلى الموصل ثم استقر الصلح بينه وبين الدولة كما طلب ولما وفر عن الأترام اتفقوا على تكين الشيرازي فولوه عليهم وقبضوا على من تخلف من كتابه وأصحابه وساروا في أتباعه إلى نصيبين ثم إلى سنجار ثم إلى الحديثة ثم إلى السن ولحق هنالك عسكر معز الدولة مع وزيره أبي جعفر الصهيري وقد كان استمده ناصر الدولة وسار ناصر الدولة وابن الصهيري إلى الموصل فنزلوا عليها وأخذ الصهيري من ناصر الدولة ابن شيرزاد وحمله إلى معز الدولة وذلك سنة خمس وثلاثين.

.استيلاء معز الدولة على البصرة.

وفي هذه السنة انتقض أبو القاسم البريدي بالبصرة فجهز معز الدولة الجيش جماعة أعيانهم إلى واسط ولقيهم جيش ابن البريدي في الماء على الظهر فانهزموا إلى البصرة وأسروا من أعيانهم جماعة ثم سار معز الدولة سنة ست وثلاثين إلى البصرة ومعه المطيع لاستنقاذها من يد أبي القاسم بن البريدي وسلكوا إلى البرية فبعث القرامطة يعذلون في ذلك معز الدولة فكتب يهددهم ولما قارب البصرة استأمنت إليه عساكر أبي القاسم وهرب هو إلى القرامطة فأجاروه وملك معز الدولة البصرة ثم سار منها إلى الأهواز لتلقي أخاه عماد الدولة وترك المطيع وأبا جعفر الصهيري بالبصرة ولقي أخاه بأرجان ثم عاد إلى بغداد والمطيع معه وأراد السير إلى الموصل فأرسل إليه ناصر الدولة في الصلح وحمل المال فتركه ثم انتفض سنة سبع وثلاثين فسار إليه معز الدولة وملك الموصل ولحق ناصر الدولة بنصيبين وأخذ معز الدولة في ظلم الرعايا وعسفهم ثم بعث إليه أخوه ركن الدولة بأصبهان بأن عسكر خراسان قصدت جرجان والري واستمده فاضطر معز الدولة إلى صلح ناصر الدولة عن الموصل والجزيرة وما ملكه سيف الدولة من الشام ودمشق وحلب على ثمانية آلاف ألف ألف درهم ويخطب لعماد الدولة وركن الدولة ومعز الدولة بني بويه فاستقر الصلح على ذلك وعاد إلى بغداد.